الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
التَّيَامُنُ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ: فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطَهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ». التَّنَعُّلُ: لِبْسُ النَّعْلَيْنِ، وَالتَّرَجُّلُ: تَرْجِيلُ الشِّعْرِ؛ أَيْ تَسْرِيحُهُ. وَالطَّهُورُ يَشْمَلُ الْوُضُوءَ، وَالْغُسْلَ، وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا لَبِسْتُمْ فَابْدَءُوا بِأَيَامِنِكُمْ». جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْبَدْءَ بِالْيَمِينِ سُنَّةٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّزْيِينِ: لِيُخْرِجَ دُخُولَ الْخَلَاءِ وَنَحْوَهُ. وَمَذْهَبُ الشِّيعَةِ: وُجُوبُ التَّيَامُنِ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَكِنْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: مَا أُبَالِي بَدَأْتُ بِيَمِينِي أَوْ بِشَمَالِي إِذَا أَكْمَلْتُ الْوُضُوءَ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَرُوِيَ عَنْهُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ أَيْضًا، طُرُقٌ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا.الْمُوَالَاةُ فِي الْوُضُوءِ، وَالتَّثْلِيثُ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ، وَعَلَيْهَا عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ سَلَفًا وَخَلَفًا، لَا يُعْقَلُ أَنْ يَغْسِلَ الْإِنْسَانُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ يَنْصَرِفَ إِلَى عَمَلٍ آخَرَ، ثُمَّ يَعُودَ إِلَى إِتْمَامِ مَا بَدَأَ بِهِ، إِلَّا لِضَرُورَةٍ عَارِضَةٍ، لَا يَطُولُ فِيهَا الْفَصْلُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ الَّذِينَ يَفْرِضُونَ وُقُوعَ مَا يَنْدُرُ وُقُوعُهُ فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ؛ فَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى وُجُوبِهَا، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ عَنْهُ إِلَى سُنِّيَّتِهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ الْأَحَادِيثِ فِي مَنْ تَوَضَّأَ فَكَانَ فِي رِجْلِهِ لَمْعَةٌ، أَوْ مَوْضِعُ ظُفْرٍ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ، وَبِإِحْسَانِ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ أَصَحَّ، وَالِاحْتِيَاطُ أَلَّا تُتْرَكَ الْمُوَالَاةُ، وَالْعُمْدَةُ فِيهَا أَلَّا يَقْطَعَ الْمُتَوَضِّئُ وُضُوءَهُ بِعَمَلٍ أَجْنَبِيٍّ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ انْصِرَافًا عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: «إِذَا جَفَّ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ قَبْلَ إِتْمَامِ الْوُضُوءِ، انْقَطَعَتِ الْمُوَالَاةُ»، وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَقَدْ يَجِفُّ بَعْضُ الْأَعْضَاءِ بِسُرْعَةٍ فِي الْهَوَاءِ الْحَارِّ الْجَافِّ، وَلَا يُعَدُّ الْمُتَوَضِّئُ مُنْقَطِعًا عَنْ وُضُوئِهِ، وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَلَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَ بِالرَّأْسِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَغْسِلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثًا، وَأَنْ يَمْسَحَ الرَّأْسَ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَكَذَلِكَ الْخُفُّ.غَسْلُ الْكَفَّيْنِ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ، وَمَسْحُ الْعُنُقِ: سَيَأْتِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، فَهُوَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ بِاتِّفَاقِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الزَّيْدِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَمُجَرَّدُ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَكِنَّهُمْ دَعَّمُوهُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ مَرْفُوعًا إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَكَلِمَةُ (ثَلَاثًا) فِي مَا عَدَا رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ، وَالْمُرَادُ لَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ يُرِيدُ تَنَاوُلَهُ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ سَبَبَهُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ بِالْإِزَارِ، وَلَا يَلْبَسُونَ السَّرَاوِيلَاتِ إِلَّا قَلِيلًا، وَكَانُوا- كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ- يَسْتَنْجُونَ بِالْحِجَارَةِ، وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ، فَلَا يَأْمَنُ النَّائِمُ أَنْ تَطُولَ يَدُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ النَّجِسِ، أَوْ عَلَى قَذَرٍ غَيْرِهِ؛ فَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ لِمَنْ يُرِيدُ غَمْسَهُمَا فِي الْإِنَاءِ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَهِيَ حَالُ تَغْلِيبِ النَّجَاسَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُرَجَّحُ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي الْيَدِ الطَّهَارَةُ، وَقَدْ حَمَلَ الْجُمْهُورُ الْحَدِيثَ عَلَى إِفَادَةِ كَرَاهَةِ غَمْسِ الْيَدَيْنِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا، وَنَدْبِ الْغُسْلِ قَبْلَهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ، وَالْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، وَلَكِنْ خَصَّهُ بِنَوْمِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ رَوَاهُ هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ»، قَالَ النَّوَوِيُّ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ: إِنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ كُرِهَ لَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَإِنْ قَامَ مَنْ نَوْمِ النَّهَارِ كُرِهَ لَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.قَالَ: وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ الْيَدِ، فَمَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا كُرِهَ لَهُ غَمْسُهَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا؛ سَوَاءٌ كَانَ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، أَوْ نَوْمِ النَّهَارِ، أَوْ شَكَّ. وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِهِمَا فِيهِ، وَلَكِنْ ثَبَتَ كَوْنُ غَسْلِهِمَا سُنَّةً مِنْ كَيْفِيَّةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآتِيَةِ.وَأَمَّا مَسْحُ الْعُنُقِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: «إِنَّهُ بِدْعَةٌ». وَابْنُ الْقَيِّمِ: «لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْحِ الْعُنُقِ حَدِيثٌ أَلْبَتَّةَ». وَالصَّوَابُ أَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ، مَرْفُوعَةٌ وَمَوْقُوفَةٌ وَمُرْسَلَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِحُسْنِ بَعْضِهَا، وَلِذَلِكَ تَعَقَّبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْفُسُهُمْ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْبَغَوِيَّ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ.صِفَةُ وَضَوْءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَوَى أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»؛ أَيْ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا كَمَا رَوَاهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، فَعَبَّرَ بِالِاسْتِنْشَاقِ بَدَلَ الِاسْتِنْثَارِ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِنْثَارُ يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِنْشَاقَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْمَضْمَضَةِ. قِيلَ: إِنَّ «ثُمَّ» فِي الْحَدِيثِ لِعَطْفِ الْجُمَلِ، لَا لِلتَّرْتِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ هَذَا كَانَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَغَسَلَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ بَاطِنَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لَا يُعَدَّانِ مِنَ الْوَجْهِ الْوَاجِبِ غَسْلُهُ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، وَصَحَّ الْأَمْرُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ ذِكْرُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ.وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَهُ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طَهُورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وَصَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَمَّا التَّثْلِيثُ فَهُوَ السُّنَةُ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا الْعَمَلُ فِي الْأَكْثَرِ، وَغَيْرُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَلَمْ يَصِحَّ مَسْحُ الرَّأْسِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.وَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ الِاقْتِصَادُ فِي الْمَاءِ. صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَحَدِيثِ سَفِينَةَ فِي مُسْلِمٍ، وَتَقْدِيرُ الْمُدِّ بِالدَّرَاهِمِ 128 مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الدِّرْهَمِ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِسْرَافَ فِي مَاءِ الطَّهَارَةِ مَكْرُوهٌ شَرْعًا، وَإِنِ اغْتَرَفَ مِنَ الْبَحْرِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ الِاقْتِصَادَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اقْتِصَادِهِ فِي الْمَاءِ يُسْبِغُ الْوُضُوءَ وَيُتِمُّهُ، وَوَرَدَ فِي أَحَادِيثِ السُّنَنِ تَعَاهُدُ مُوقَيِ الْعَيْنَيْنِ وَغُضُونِ الْوَجْهِ، وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ وَاللِّحْيَةِ، وَتَحْرِيكُ الْخَاتَمِ، وَفِي أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَلَامٌ؛ فَهِيَ لَيْسَتْ فِي دَرَجَةِ الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِسُنَّةِ الْإِسْبَاغِ، وَمُتَمِّمَةٌ لِلنَّظَافَةِ.السِّوَاكُ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ: رَوَى الْجَمَاعَةُ (أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ». وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ «لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ». وَلِلْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا «لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ». قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ: «إِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ». وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِّ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ». وَرُوِيَ عَنْهَا وَعَنْ غَيْرِهَا فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَاكُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ كُلِّ نَوْمٍ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَعِنْدَ دُخُولِ بَيْتِهِ. وَالسِّوَاكُ يُطْلَقُ عَلَى الْعُودِ الَّذِي يُسْتَاكُ بِهِ، وَعَلَى الِاسْتِيَاكِ نَفْسِهِ، وَهُوَ دَلْكُ الْأَسْنَانِ بِذَلِكَ الْعُودِ، أَوْ بِشَيْءٍ آخَرَ خَشِنٍ تُنَظَّفُ بِهِ الْأَسْنَانُ، يُقَالُ: سَاكَ فَمَهُ يَسُوكُهُ سَوْكًا، وَيُقَالُ: اسْتَاكَ، وَلَكِنْ لَا يُقَالُ اسْتَاكَ فَمَهُ، وَخَيْرُ الْعِيدَانِ لِلِاسْتِيَاكِ، عُودُ الْأَرَاكِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ مِنَ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا دُقَّ طَرَفُهُ قَلِيلًا يَصِيرُ خَيْرًا مِنَ السِّوَاكِ الصِّنَاعِيَّةِ الَّتِي تُسَمَّى «فُرْشَةُ الْأَسْنَانِ»، وَيُقَالُ إِنَّ مِنْ خَوَاصِّهِ شَدُّ اللِّثَةِ؛ أَيْ أَنَّ فِيهِ مَادَّةً تَنْفَصِلُ مِنْهُ عِنْدَ الِاسْتِيَاكِ بِهَا تُشَدُّ اللِّثَةُ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالِاسْتِيَاكِ بِالْفُرْشَةِ، كَمَا تَحْصُلُ بِشَوْصِ الْأَسْنَانِ (دَلْكِهَا) بِكُلِّ خَشِنٍ يُزِيلُ الْقَلَحَ (صُفْرَةَ الْأَسْنَانِ) وَيُنَظِّفُ الْفَمَ. وَمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى السِّوَاكِ مِنْ أَوَّلِ عُمْرِهِ تُحْفَظُ لَهُ أَسْنَانُهُ الَّتِي هِيَ رُكْنٌ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الصِّحَّةِ وَالْجَمَالِ، وَهِيَ نِعْمَةٌ لَا يَعْرِفُ أَكْثَرُ النَّاسِ قِيمَتَهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْسِدَهَا السُّوسُ، وَيَضْطَرُّ إِلَى قَلْعِهَا بَعْدَ أَنْ يُقَاسِيَ مِنْ آلَامِهَا مَا يُقَاسِي.
.طَهَارَةُ الْغُسْلِ، وَالتَّيَمُّمُ، وَالْحَدَثَانِ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ: وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَهَارَةِ الْوُضُوءِ بَيَّنَ طَهَارَةَ الْغُسْلِ، فَقَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَرُوا} أَيْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، وَكُنْتُمْ جُنُبًا فَتَطَهَّرُوا لَهَا طَهُورًا كَامِلًا بِأَنْ تَغْتَسِلُوا، {فَاطَّهَرُوا} أَمْرٌ بِالْعِنَايَةِ بِالطَّهَارَةِ، وَالِاسْتِقْصَاءِ فِيهَا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَسْلِ الْبَدَنِ كُلِّهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِرَادَةِ الْغُسْلِ بِهَا، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (4: 34)، وَالْجَنَابَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْغُسْلِ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ التَّيَمُّمِ (ص 94 ج5 تَفْسِيرٌ مِنْ مَطْبُوعِ الْهَيْئَةِ) أَنَّ لَفْظَ «جُنُبٍ» اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ فِي الْوَصْفِيَّةِ؛ فَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَأَنَّ الْمُخْتَارَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْجَنْبِ، بِالْفَتْحِ، بِمَعْنَى الْجَانِبِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُضَاجَعَةِ الْمُرَادِ بِهَا الْوِقَاعُ عَلَى سُنَّةِ الْقُرْآنِ فِي الْكِنَايَةِ عَمَّا يُسْتَقْبَحُ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَفِي مَعْنَى الْوِقَاعِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ، وَهُوَ لَازِمٌ لَهُ عَادَةً؛ فَهُوَ جَنَابَةٌ شَرْعًا، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَيْ إِنَّمَا يَجِبُ مَاءُ الْغُسْلِ مِنَ الْمَاءِ الدَّافِقِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَهْمَا كَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حِكْمَةِ الْغُسْلِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْوِقَاعِ بِدُونِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِهِ، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَحَدِيثِ عُثْمَانَ النَّاطِقِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ إِلَّا الْوُضُوءُ، هُوَ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّاطِقِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَصَرَّحَ فِيهِ مُسْلِمٌ بِكَلِمَةِ «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» وَبِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِطَالَةِ الشَّرْحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ إِذِ لَا خِلَافَ فِيهَا الْيَوْمَ وَلَا أَهْوَاءَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَنِيِّ إِذَا خَرَجَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ؛ لِعِلَّةٍ مَا، فَإِذَا خَرَجَتْ بَقِيَّةٌ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ، مِمَّا خَرَجَ شَهْوَةً، فَعَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهَا ظَاهِرٌ جِدًّا.وَلَمَّا بَيَّنَ وُجُوبَ الطَّهَارَتَيْنِ، وَكَانَ مُقْتَضَاهُمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ لابد لَهُ مِنْ طَهَارَةِ الْوُضُوءِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي الْغَالِبِ، وَلابد لَهُ مِنَ الْغُسْلِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، أَوْ عِدَّةَ مِرَارٍ فِي الْغَالِبِ- بَيَّنَ الرُّخْصَةَ فِي تَرْكِهِمَا عِنْدَ الْمَشَقَّةِ أَوِ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يُسْرٌ لَا حَرَجَ فِيهِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} مَرَضًا جِلْدِيًّا؛ كَالْجُدَرِيِّ، وَالْجَرَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُوحِ وَالْجُرُوحِ، أَوْ أَيِّ مَرَضٍ يَضُرُّ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْكُمْ {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ مَهْمَا كَانَ سَبَبُهُ، فَالْعِبْرَةُ بِمَا يُسَمَّى سَفَرًا عُرْفًا، وَمِنْ شَأْنِ السَّفَرِ أَنْ يَشُقَّ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ فِيهِ {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} الْغَائِطُ: الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ، وَصَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي هَذَا الْحَدَثِ، وَعُرْفِيَّةً فِي الرَّجِيعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ. وَمُلَامَسَةُ النِّسَاءِ: هِيَ الْمُبَاشَرَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَبَيْنَهُنَّ، كُلٌّ مِنَ التَّعْبِيرَيْنِ كِنَايَةٌ عَلَى سُنَّةِ الْقُرْآنِ فِي النَّزَاهَةِ؛ كَالتَّعْبِيرِ بِالْجَنَابَةِ هُنَا، وَبِالْمُبَاشَرَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْمُرَادِ: أَوْ أَحْدَثْتُمُ الْحَدَثَ الْمُوجِبَ لِلْوُضُوءِ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَالطَّوَافِ- وَيُسَمَّى الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ أَوِ الْحَدَثَ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ، وَيُسَمَّى الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ- فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً تَتَطَهَّرُونَ بِهِ؛ أَيْ إِذَا كُنْتُمْ عَلَى حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ: الْمَرَضُ، أَوِ السَّفَرُ أَوْ فَقْدُ الْمَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} أَيْ فَاقْصِدُوا تُرَابًا، أَوْ مَكَانًا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ طَاهِرًا، لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ، فَاضْرِبُوا بِأَيْدِيكُمْ عَلَيْهِ، وَأَلْصِقُوهَا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الرُّسْغَيْنِ، بِحَيْثُ يُصِيبُهَا أَثَرٌ مِنْهُ، وَقَدْ شَرَحْنَا آيَةَ التَّيَمُّمِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَقَفَّيْنَا عَلَى تَفْسِيرِهَا بِعَشْرِ مَسَائِلَ فِي بَيَانِ مَعْنَى التَّيَمُّمِ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، وَمَحَلِّهِ الَّذِي بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، وَكَوْنِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا تَرْتِيبَ فِيهِ، وَمَعْنَى الصَّعِيدِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ، وَكَوْنِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِيهِ سَوَاءً إِذَا فُقِدَ الْمَاءُ، وَكَوْنِ الصَّلَاةِ بِهِ مُجْزِئَةً لَا تَجِبْ إِعَادَتُهَا، وَبَحْثِ تَيَمُّمِ الْمُسَافِرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَبَحْثِ التَّيَمُّمِ مِنَ الْبَرْدِ وَالْجُرْحِ، وَكَوْنِهِ كَالْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ وَقَبْلَهُ، وَفِي اسْتِبَاحَةِ عِدَّةِ صَلَوَاتٍ بِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فِي بَيَانِ حِكْمَةِ التَّيَمُّمِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُرَاجِعْ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنَ التَّفْسِيرِ (ص 100- 110 مِنْ مَطْبُوعِ الْهَيْئَةِ).
|